نحن والتنوير

مازال سؤال التنوير، ومنذ أزيد من قرن، سؤالاً حاضراً في واقعنا العربي، ومطروحاً أمام العقول المفكّرة بأحوالنا. ولقد نشر كاتب هذا المقال أكثر من خطاب جواباً عن سؤال: ما التنوير؟ وفي كلّ مرّة يتناول قضية التنوير يجد نفسه في حاجة إلى إغناء الإجابة عليها.

وقبل أن نشرع في البحث عن إجابة على تلك العلاقة التي جعلناها عنواناً (نحن والتنوير)، سأتوقف عند ما يبدو للوهلة الأولى أمراً لا يحتاج إلى نظر، أقصد ضمير الرفع المنفصل الدالّ على وعي جماعة بنفسها، من حيث إنّ (نحن) هي جمع (أنا)، وكما يشير الضمير (أنا) إلى المذكّر والمؤنّث معاً، فكذلك الضمير (نحن) يشير إلى الجمعين المؤنّث والمذكّر. فعندما تنطق جماعة ما، أو من اختار أن يمثّلها دون أن يكلّفه أحد بذلك، بالضمير (نحن)، فهذا يعني أن لديه وعياً بهوية تجعله منتمياً إلى الجماعة (من الأمّة إلى الفئة)، ولديه وعي بالمشترك بين أفراد الجماعة.

لكنّ الأنا المتكلّم لا يمكن أن ينطوي على صفات الجماعة، والجماعة التي تشترك بصفة ما لا يمكن أن تكون مجموعة أفراد متشابهين. ولهذا عندما تسأل الأنا من نحن؟ تعلن انتماءها للنحن الذي تقصده.

(نحن) هنا في صيغة السؤال هم سكّان المنطقة التي تمتدّ من المحيط إلى الخليج بأكثريّتها العربية وأقلّيّاتها المختلفة. سكّان المنطقة العربية، بطبقاتهم وفئاتهم، بدولهم ومناطقهم، بأديانهم وطوائفهم ومذاهبهم، بتناقضاتهم واختلافاتهم.

استقلال الفيلسوف
Close سلتي

Close
القائمة الرئيسية
Categories