النزعة العقلية عند الكندي

عرّف الكندي الفلسفة بأنّها “علم الأشياء بحقائقها”، وعدّها “صناعة الصناعات وحكمة الحكم”، ودافع عنها دفاعاً قويّاً ضدّ الفقهاء ورجال الدين من ذوي الأفق الضيّق، الذين كفّروا الفلاسفة، واتّهموهم بالزندقة انطلاقاً من الاعتقاد الخاطئ أنّ الدين لا يسمح بالتفكير العقلي، فوصفهم بقصر النظر، وضيق الفطنة والجهل.

لم يقف الكندي في دفاعه عن الفلسفة عند حدود تزكيتها، والحثّ على طلبها فحسب، بل كان لا بدّ له أن ينفي عنها شبهة الكفر والزندقة، وهذا ما دفعه للبحث في التوفيق بين الحقيقتين الفلسفية والدينية، ليكون بذلك أوّل من خاض غمار الإشكالية الكبرى في تاريخ الفلسفة الإسلامية، إشكالية العلاقة بين العقل والنقل، أو الحكمة والشريعة بحسب المصطلح الذي كرّسه ابن رشد لاحقاً كما هو معروف.