العدد الثامن من مجلة بيت الفلسفة

0,00 د.إ

تُرى ما الّذي يجعل من الحقيقة مشكلةً حاضرةً في كلّ الأزمان، وأمام كلّ الأجيال، وعند جميع
الفلاسفة من دون استثناء، فضاً عن حضورها في العلم والمعرفة الإنسانيّة كلّها؟
هل هذا يعني أن لا حلّ منطقيًّا أو واقعيًّا لسؤال ما الحقيقة؟ وهل الحقيقة مجرّد فكرة في الذّهن
اخترعها العقلُ من دون أيّ علاقة بالواقع؟ أم إنّ الحقيقة ثاوية في الواقع نفسه ولكنّها عصيّة
عى الكشف؟
منذ الفيلسوف اليونانيّ الأوّل وحتّى الآن، تتنوّع الخطابات حول هذه المشكلة. فمنهم من يراها
مشكلة أنطولوجيّة، ومنهم من يراها مشكلة معرفيّة، ومنهم من يراها مشكلة إبستيمولوجيّة. هل
نُعلّق الحكم حول الحقيقة بوصفها شيئًا في ذاته كانطيًّا )نومن( لا سبيل إلى معرفته يقع خلف
الظاهرة )الفينومن(؟ هذه الأسئلة تطرح علينا دائمًا العودة إلى جعل الحقيقة موضوعًا للتفكر.
وتزداد أهميّة البحث الفلسفيّ في الحقيقة في تنوّع صُعُدِ المعرفة، ذلك بأنّ الفيلسوف يتساءل:
هل الحقيقة الموضوعيّة ممكنةٌ في العلوم الإنسانيّة، وهي العلوم الّتي تتعلّق بعالمٍ متنوِّعٍ
متغرٍّ مختلفٍ، وما معنى أصاً أن تكون المعرفة موضوعيّة؟ هل تنفي نسبيّة المعرفة موضوعيّتها؟
أم إنّ نسبيّة موضوعيّتها تجعلنا في بحث دائم عنها؟
قالت العرب يومًا في تعريف الحقيقة إنّها “مطابقة ما في الأذهان لما في الأعيان”، وهنا يُطرح
السّؤال: ماذا لو كان هناك تناقض بن ما في الأذهان وما في الأعيان؟ فا في الأذهان ليس
بالرّورة أن يتطابق مع ما في الأعيان، وما في الأعيان أغنى بكثر ماّ في الأذهان. ولهذا، فإنّ
الأجوبة عن هذه الأسئلة كلّها لا يمكن أن يتمّ إلّّا بالاستناد إلى أمرين اثنن: المنطق بكلّ أشكاله
من جهة، والمنهج من جهة أخرى. والتمييز بن المنطق والمنهج أمر عى قدر كبر من الأهميّة،
فنحن لا نستطيع أن نفكّر إلّّا تأسيسًا عى أشكال التفكر الصّحيح، ولا يُمُكن أن يحسنَ تفكيرنا إلّّا تأسيسًا
عى معرفةٍ تحوّلت إلى طريقة في التفكر، وبهذا نقبض عى الحقيقة في شكلها ومضمونها.
وأخرًا، لمّا كان العالَم من حولنا، العالم الّذي نعيش فيه، صرورة، ولمّا كنّا لا نستطيع أن نستحمّ
في ماء النّهر نفسه مرّتن، فإنّ هناك تاريخًا للحقيقة. وهنا يصدق قول باسكال: “إنّ الحقيقة ما
قبل جبال البيرينيه خطأ ما بعدها”.

كود المنتجPHB00070

معلومات إضافية

الوزن 0,25 كيلوجرام
الأبعاد 21 × 14 × 2 سنتيميتر
لغة المجلة

لغة العربية, لغة إنجليزية