الفيلسوف و الكينونة البشرية

أما وإنك تعيش فلا مناص لك من مواجهة مشكلات الحياة اليومية وحاجاتها، ولا حدود لأحزان الناس وآلامهم وأفراحهم، الناس كل الناس، فقيرهم وغنيهم، شيخهم، وفتاهم وطفلهم، كبيرهم وصغيرهم.

إن الخيّر والشرير والخانع والمتمرد والحزين والفرِح والمشرد واللاجئ واليتيم والثكلى والجوعان والبردان والعاشق. والعاطل عن العمل والشاعر بالعبودية والمقهور والمشتاق والمتشفي والحاقد والكاره والمحب ،والمجرم والمؤثر والضعيف والقوي والطامح والقانع والنبيل والوضيع والقاهر والمقهور والمتشائم والمتفائل واللامبالي والمغترب والمتشيئ والماجن والعبثي والكريم والبخيل والمناضل والإنتهازي والجاهل والعالم والعنصري والمتسامح والمدعي والكاذب والصادق والمواري والمؤمن والكافر والملحد والجميل والعادي والمألوف والمدهش والكاتب والقارئ والمتأمل هم المنابع الحقيقية لأسئلة الفلسفة الكبرى، لفلسفة القيم والحياة والموت والمصير. أجل، إنما نشأت الفلسفة من التفكير بمشكلات الحياة اليومية للناس، من التعينات التاريخية التي لن تنتهي للكينونة البشرية.

إن الفيلسوف هو المهموم الوحيد بكل تعينات الكينونة هذه دون أن يكلفه أحد بذلك، ولأنه دائم الإنشغال بهذه الكينونة و تعيناتها انطلاقاً من عقله الشخصي، فاضحاً وكاشفاً وفاهماً فإن العقل العام النائم في سرير اليقينيات الوهمية سرعان ما يبني علاقة عدائية وعدوانية مع الفلسفة والفيلسوف، مع من يفكر بهم، بواقعهم ومصيرهم.